أهل الهمم العالية

 

صاحبنا اليوم هو البحر حبر الأمة وفقيه العصر وإمام التفسير ... كان وسيما جميلا مديد القامة، مهيبا ،كامل العقل ،ذكي النفس ، من رجال الكمال, إنه عبد الله بن عباس رضي الله عنه, يحدثنا هو عن نفسه. 

يقول ابن عباس لما قُبض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار: "هلمَّ فلنسأل أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اليوم كثير"، فقال: واعجباً لك يا ابنَ عباس، أترى الناسَ يفتقرون إليك وفي الناس من أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم، قال:" فتركت ذاك وأقبلتُ أسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه تَسفي الريحُ عليّ من التراب فيخرج فيراني"، فيقول: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء بك؟ هلا أرسلتَ إلي فآتيك؟ فأقول: "لا، أنا أحق أن آتيك" قال: فأسأله عن الحديث، فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألوني، فيقول:" هذا الفتى كان أعقلَ مني ) . وخرجها الطبراني كذلك .

هذه الهمّة هي التي رفعت ابن عباس رضي الله عنه بعد فضل الله, ثم بفضل دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم, حتى جعلت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقدمه في مجلسه على أبناء الصحابة ويجلسه مع كبار الصحابة,  إنه نموذج من النماذج التي يقتدى بها في نيل أعلى المطالب, ولكن لا تظن أن تلك المطالب تُنال بين يوم وليلة, إنها تحتاج منا إلى صبرٍ كصبر ابن عباس, الذي سفت الرمال عليه وهو متوسد رداءه في حر الظهيرة عند الباب, وتحتاج منا لخلق وأدب كأدب ابن عباس الذي تحمّل الحرّوسفيَ التراب ولم يطرق الباب لكي لايزعج صاحب الدار, وتحتاج منا إلى همّة وإرادة مشتعلة حتى نصل إلى مانريد, أتمنى أن تكون الرسالة وصلت.

الكاتب/ يحيى الشيخي