يحيى الشيخي {مدونة} دينية وتربوية وثقافية واجتماعية

أحدث المواضيع

اعلان2

Your Ad Spot

17.5.21

مصير من مات من ولدان المشركين صغيرا هل في الجنة أم في النار

 


من قوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا )

 الناس في ولدان المشركين على أقوال :
أحدها : أنهم في الجنة ، واحتجوا بحديث سمرة أنه ، عليه السلام رأى مع إبراهيم أولاد المسلمين وأولاد المشركين وبما تقدم في رواية أحمد عن حسناء عن عمها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " والمولود في الجنة " . وهذا استدلال صحيح ، ولكن أحاديث الامتحان أخص منه . فمن علم الله [ عز وجل ] منه أنه يطيع جعل روحه في البرزخ مع إبراهيم وأولاد المسلمين الذين ماتوا على الفطرة ، ومن علم منه أنه لا يجيب ، فأمره إلى الله تعالى ، ويوم القيامة يكون في النار كما دلت عليه أحاديث الامتحان ، ونقله الأشعري عن أهل السنة [ والجماعة ] ثم من هؤلاء القائلين بأنهم في الجنة من يجعلهم مستقلين فيها ، ومنهم من يجعلهم خدما لهم ، كما جاء في حديث علي بن زيد ، عن أنس ، عند أبي داود الطيالسي وهو ضعيف ، والله أعلم .
القول الثاني : أنهم مع آبائهم في النار ، واستدل عليه بما رواه الإمام أحمد بن حنبل عن أبي المغيرة حدثنا عتبة بن ضمرة بن حبيب ، حدثني عبد الله بن أبى قيس مولى غطيف ، أنه أتى عائشة فسألها عن ذراري الكفار فقالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هم تبع لآبائهم " . فقلت : يا رسول الله ، بلا عمل ؟ فقال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " .
وأخرجه أبو داود من حديث محمد بن حرب ، عن محمد بن زياد الألهاني ، سمعت عبد الله بن أبي قيس سمعت ، عائشة تقول : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذراري المؤمنين قال : " هم من آبائهم " . قلت : فذراري المشركين ؟ قال : " هم مع آبائهم " قلت : بلا عمل ؟ قال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " .
ورواه [ الإمام ] أحمد أيضا ، عن وكيع ، عن أبي عقيل يحيى بن المتوكل - وهو متروك - عن مولاته بهية عن عائشة ؛ أنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أطفال المشركين فقال : " إن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار " .
وقال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، عن محمد بن فضيل بن غزوان ، عن محمد بن عثمان ، عن زاذان عن علي - رضي الله عنه - قال : سألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ولدين لها ماتا في الجاهلية فقال : " هما في النار " . قال : فلما رأى الكراهية في وجهها [ قال ] لو رأيت مكانهما لأبغضتهما " . قالت : فولدي منك ؟ قال : [ قال : " في الجنة " . قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ] .
" إن المؤمنين وأولادهم في الجنة ، وإن المشركين وأولادهم في النار " ثم قرأ : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) [ الطور : 21 ] .
وهذا حديث غريب ؛ فإن محمد بن عثمان هذا مجهول الحال ، وشيخه زاذان لم يدرك عليا ، والله أعلم .
وروى أبو داود من حديث ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الوائدة والموءودة في النار " . ثم قال الشعبي : حدثني به علقمة ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود .
وقد رواه جماعة عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن علقمة ، عن سلمة بن قيس الأشجعي قال : أتيت أنا وأخي النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا : إن أمنا ماتت في الجاهلية ، وكانت تقري الضيف وتصل الرحم ، وأنها وأدت أختا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحنث . فقال : " الوائدة والموءودة في النار ، إلا أن تدرك الوائدة الإسلام ، فتسلم " . وهذا إسناد حسن .
والقول الثالث : التوقف فيهم ، واعتمدوا على قوله صلى الله عليه وسلم : " الله أعلم بما كانوا عاملين " . وهو في الصحيحين من حديث جعفر بن أبي إياس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين قال : الله أعلم بما كانوا عاملين " وكذلك هو في الصحيحين ، من حديث الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، وعن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سئل عن أطفال المشركين ، فقال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " .
ومنهم من جعلهم من أهل الأعراف . وهذا القول يرجع إلى قول من ذهب إلى أنهم من أهل الجنة ؛ لأن الأعراف ليس دار قرار ، ومآل أهلها إلى الجنة كما تقدم تقرير ذلك في " سورة الأعراف " ، والله أعلم .
فصل
وليعلم أن هذا الخلاف مخصوص بأطفال المشركين ، فأما ولدان المؤمنين فلا خلاف بين العلماء كما حكاه القاضي أبو يعلى بن الفراء الحنبلي ، عن الإمام أحمد أنه قال : لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة . وهذا هو المشهور بين الناس ، وهو الذي نقطع به إن شاء الله ، عز وجل . فأما ما ذكره الشيخ أبو عمر بن عبد البر ، عن بعض العلماء : أنهم توقفوا في ذلك ، وأن الولدان كلهم تحت مشيئة الله ، عز وجل . قال أبو عمر : ذهب إلى هذا القول جماعة من أهل الفقه والحديث منهم : حماد بن زيد ، وحماد بن سلمة ، وابن المبارك ، وإسحاق بن راهويه وغيرهم قالوا : وهو يشبه ما رسم مالك في موطئه في أبواب القدر ، وما أورده من الأحاديث في ذلك ، وعلى ذلك أكثر أصحابه . وليس عن مالك فيه شيء منصوص ، إلا أن المتأخرين من أصحابه ذهبوا إلى أن أطفال المسلمين في الجنة وأطفال المشركين خاصة في المشيئة ، انتهى كلامه وهو غريب جدا .
وقد ذكر أبو عبد الله القرطبي في كتاب " التذكرة " نحو ذلك أيضا ، والله أعلم .
وقد ذكروا في ذلك حديث عائشة بنت طلحة ، عن عائشة أم المؤمنين قالت : دعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار ، فقلت : يا رسول الله ، طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه ، فقال : " أو غير ذلك يا عائشة ، إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم ، وخلق النار وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم " . رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه .
ولما كان الكلام في هذه المسألة يحتاج إلى دلائل صحيحة جيدة ، وقد يتكلم فيها من لا علم عنده عن الشارع ؛ كره جماعة من العلماء الكلام فيها ، روي ذلك عن ابن عباس ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، ومحمد ابن الحنفية وغيرهم . وأخرج ابن حبان في صحيحه ، عن جرير بن حازم سمعت أبا رجاء العطاردي ، سمعت ابن عباس وهو على المنبر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال أمر هذه الأمة مواتيا - أو مقاربا - ما لم يتكلموا في الولدان والقدر " .
قال ابن حبان : يعني أطفال المشركين .
وهكذا رواه أبو بكر البزار من طريق جرير بن حازم ، به . ثم قال : وقد رواه جماعة عن أبي رجاء ، عن ابن عباس موقوفا .

ابن كثير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مساحة11

Your Ad Spot

قائمة 2