يحيى الشيخي {مدونة} دينية وتربوية وثقافية واجتماعية

أحدث المواضيع

اعلان2

Your Ad Spot

11.3.21

هوس الحب الرومانسي

 


هل الحب الرومانسي حب حقيقي

قد ينخدع الكثير من الناس بالصور الجميلة والمناظر البرّاقة وأناقة المظهر والكلمات العذبة, التي تسحرالقلب وتسلب العقل, من أول لقاء بالطرف الآخر, فينجذب إليه انجذاباً شديداً, ويشعر وكأنما لقي حلم الحياة وأمل المستقبل الذي يتمناه, فيفتتن به ويقع في مايسمى "بالحب من أول نظرة" ويدخل في مرحلة " الحب عذاب" ليعيشا كلا الطريفين في حب يلهب  القلوب ويثير العواطف ويعيش كلا منهما حياة الآخر فيندمج معه في كل لحظة, ينام ويستيقظ به لا يفارق خياله طرفة عين, هذا ما يسمى بالحب الرومانسي, محاولاً كل طرف ابداء أحسن مالديه من الإيجابيات, مخفياً كل سلبياته, حتى لاينزل من عين عشيقه مقدارأنملة, ظانين أن هذا الحب سيستمر بهذه الطريقة مدى الحياة, ولو رأى كلا منهما منظر الآخر بطبيعته الحقيقية من غير تجمل ولا تصنع كما هو في بيته لاختلف الأمر, ولربما تغير الحال وذهب كل في طريقه.

هذا ياسادة ليس حبا حقيقيا, هذا يسمى الوقوع في الحب, وملايين البشر يقعون فيه وسرعان مايزول, لأنه ليس أصيلا  إنه حب الخداع والتصنع, الحب الحقيقي هو الشعور بالحب وليس الوقوع بالحب وشتان بينهما

 وقد أجرت الدكتورة (دروثي تينوف) -وهي عالمة نفسية- العديد من الدراسات, على ظاهرة الوقوع في الحب, وبعد أن قامت بدراسة العشرات من الأزواج والزوجات خلصت إلى أن متوسط عمر الهوس الرومانسي عامان أما إذا كان حب من النوع المتجدد فربما يستقر لمدة أطول قليلاً

وفي النهاية نهبط من هذا الأفق العالي لتحط بنا أرجلنا على الأرض مرة أخرى عندها تنفتح أعيننا ونبدأ في رؤية العيوب الصغيرة جداً في الطرف الآخر, فنرى أن بعضا من صفاته أو صفاتها الشخصية تثير سخطنا بالفعل وأن سلوكياته تسبب لنا الضيق, ويبدأ فى سؤال نفسه ألم نكن نرى مثل هذه العيوب من قبل؟ هل كان ما أشعر به حبا حقيقيا يحتوى الأمان والطمأنينة والثقة والصدق مع الذات قبل الآخر، والإخلاص له، أم أنه حب زائف مملوء بالأنانية والصراع والسعى للامتلاك والسيطرة والقهروعندما يبدأ الشعور الكاذب فى التلاشى وتظهر الأفكار والسلوكيات والرغبات لكلا الطرفين، تنتهى الصراعات بالتعايش فى حياة بائسة من أجل أمور تجبر كلا الطرفين على الاستمرار فى مثل هذه الحياة أو الطلاق.

, ويسأل أحدنا نفسه عندما يفتح عينيه على الحقيقة فيرى من العيوب مالم يكن يراه أيام الوقوع في الحب, كيف كنت أحمق لهذه الدرجة

يقول صاحب كتاب لغات الحب الخمس

إن فكرة أن هوس الوقوع في الحب يستمر للأبد فكرة غير صحيحة . فلو كان هذا صحيحاً لأصبح المجتمع كله فى خطر ، فالطالب لن يهتم بما يجب عليه عمله ، وكذلك العالِم والمُعَلٌم ورَجُل الأعمال والزارع والصانع والتاجر . باختصار , كل جوانب الحياة ستتأثر سلباً

 خَلُصَ بعض الباحثون إلى أنه لا يمكن إطلاق لفظ ” حب ” على تجربة ” الوقوع فى الحب ” لأسباب ثلاثة ؛ أن الوقوع فى الحب عمل لا إرادى ، وأن الوقوع فى الحب يجعلنا نقوم بأفعال غريبة من أجل الطرف الآخر ، وأن الوقوع فى الحب يجعلنا لا نهتم بتشجيع النمو الشخصى للطرف الآخر .

إذا لم يكن الوقوع فى الحب حبٱ حقيقيٱ ، فماذا يكون ؟! . يجيب دكتور سكوت بيك على هذا السؤال بقوله : ” إن الانهيار المؤقت للأنانية الفردية ، والذى يؤدى إلى الوقوع فى الحب ، هو إعادة هيكلة للدوافع الجنسية الداخلية والمُحَفٌزات الجنسية الخارجية والتى تؤدى إلى الارتباط الجنسى.

وهنا أقول إذا أردنا أن نبني حبا حقيقيا وعلاقة قوية مع شريك الحياة , فلا يكون ذلك بين عشية وضحاها, ولا يكون ذلك قبل الزواج , وإنما يبدأ بناء كل ذلك مابعد الزواج, فيحتاج منا إلى جهد جهيد من كلا الطريفين يبذلانه من التقدير والاحترام قولا وفعلا, ومنح الوقت والتلامس الجسدي والبسمة الحانية التي تشبع العواطف لدى الطرف الآخر مع التضحية والصبر والحلم والتغاضي عن الأخطاء والاعتذارومشاركة المشاعربأنواعها, وتقبل الطرف الآخر كما هو عليه, إلى غير ذلك من الأمور, ومن أراد جماع ذلك كله فليقرأ سيرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم  مع زوجاته , وكيف كان  يتعامل معهنّ فسيجد أن كل ماذكر  من لغات وأنواع الحب قد سبقهم به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المجال ولم يأتوا بجديد, فمن هذه الأمور يتم البناء ويترسخ الحب الحقيقي الأصيل ويثبت, ثم يبدأ الشعوربه في كل الظروف والأحول, حتى وإن اختفى بعض الأحيان إلا أنه سرعان ما يعود, وهذا ما نبحث عنه

الكاتب / يحيى الشيخي

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مساحة11

Your Ad Spot

قائمة 2