محظورات الإحرام
وهي تسعة :
1-
حلق الشعر.
2-
تقليم الأظافر.
3-
الطيب.
4-
لبس المخيط.
5-
تغطية الرأس.
6-
قتل الصيد.
7-
الجماع.
8-
عقد النكاح.
9-
مباشرة النساء.
فائدة:
يجوز
للمحرم حك رأسه وبدنه عند الحاجة كما في حديث عائشة, قَالَتْ : "يَا
رَسُولَ اللَّهِ ! هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ ، وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ
بِعُمْرَةٍ . فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : انْقُضِى رَأْسَكِ
، وَامْتَشِطِى ، وَأَمْسِكِى عَنْ عُمْرَتِكِ" .[1]
قالوا : فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم
لعائشة بالامتشاط مع أنها محرمة ، وإنما أمرها بالاغتسال لإحرام الحج ، فقد كان
إحرامها في أصله للعمرة .
يقول الشوكاني في قوله : "( وامتشطي ) فيه
دليل على أنه لا يكره الامتشاط للمحرم"[2] وقيل : إنه مكروه" .
"مسألة"
من قلَم ظفراً واحدا أو ظفرين, أو قطع شعرة أو شعرتين أو ثلاثاً, فهل
عليه دم؟
قال
البيهقي: عن عطاء أنه قال في الشعرة مدٌّ وفي الشعرتين مدّان وفي الثلاثة فصاعداً
دم , ثم قال البيهقي روينا عن الحسن البصري وعطاء أنهما قالا: في ثلاث شعرات دم
الناسي والمتعمد فيها سواء.
وذكر
الوزير في الإفصاح عن أبي حنيفة, إن حلق ربع رأسه فصاعداً فعليه دم, وإن كان أقل
من ذلك فعليه صدقة, وأما مالك فلم يعتبر العدد بل يجب الدم بحلق ما يحصل به
الترفه, وما يحصل به إماطة الأذى.
وإن
غطى رأسه بملاصق فدى, والفدية هي: شاة تذبح بمكة وتوزع على المساكين هناك، أو صوم
ثلاثة أيام، أو التصدق بثلاثة آصعٍ من طعام توزع على مساكين الحرم, لحديث ابْنِ
عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه
وسلم: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله
عليه وسلم: "لا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلا الْعَمَائِمَ، وَلا
السَّرَاوِيلاتِ، وَلا الْبَرَانِسَ، وَلا الْخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لا يَجِدُ
النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ
الْكَعْبَيْنِ، وَلا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ،
وَلا الْوَرْسُ".[3]
................................
ما يجوز للمحرم فعله:
1-
يجوز له أن يستظل
بالشمسية والسيارة التي ليست مكشوفة, لحديث أم حصين" حجَجْتُ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
حجَّةَ الوداعِ فرأَيْتُ أسامةَ وبلالًا أحدُهما آخِذٌ بخِطامِ ناقةِ النَّبيِّ
صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والآخَرُ [ رافعٌ ] ثوبَه يستُرُه مِن الحرِّ حتَّى رمى
جمرةَ العَقبةِ".[4]
2-
ويجوز لبس الحياصة
هي( المنطقة مايشد به الوسط) والساعة وما في معنى ذلك للحاجة, فعن عائشة رضي الله
عنها أنها سئلت عن الهميان للمحرم؟ فقالت: «وما بأس؟ ليستوثق من نفقته»[5]
3-
ويجوز عقد الإزار
إذا احتاج إلى ذلك ولا فدية عليه.
4-
ويجوز قتل الصيد الصائل (المؤذي) ولا جزاء عليه,
وهو قول الشافعي وأكثر العلماء, فمن آذى طبعاً قتل شرعاً لحديث أبي هريرة, قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " نَزَلَ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَلَدَغَتْهُ
نَمْلَةٌ، فأمَرَ بجَهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِن تَحْتِهَا، ثُمَّ أمَرَ ببَيْتِهَا
فَأُحْرِقَ بالنَّارِ، فأوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ: فَهَلَّا نَمْلَةً واحِدَةً".[6]
ويجوز للمحرمة التحلي, روى الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن باباه
الْمَكِّيّ "أَن امْرَأَة سَأَلت عَائِشَة: مَا تلبس الْمَرْأَة فِي إحرامها؟
قَالَت عَائِشَة: تلبس من خزها وبزها وأصباغها وحليها."[7]
وقد
أفتى هيئة كبار العلماء "بأنه يجوز للمرأة أن تحرم وبيدها أسورة ذهب
أو خواتم ونحو ذلك ، ويشرع لها ستر ذلك عن الرجال غير المحارم ؛ خشية الفتنة بها"[8]
مايحرم على المحرم فعله:
1-
يحرم عليه الطيب في
بدنه لقوله صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته " اغسلوه بماء وسدر
وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه ولا تخمروا راسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً"[9]
وكذلك
في ثوبه وهو قول أكثر العلماء خلافاً لأبي
حنيفة: لحديث يعلى بن أميه أن النبي صلى الله عليه وسلم, جاءه رجل فقال: يا رسول
الله، كيف ترى في رجل أحْرَم بعمرة، وهو مُتَضَمِّخٌ بطِيب، فسكت النبيُّ صلى الله
عليه وسلم ساعة.... إلى أن قال: «اغسل الطِّيبَ الذي بِكَ ثلاث مرات، وانزِعْ عنك
الجُبَّة، واصنع في عُمرتك كما تصنعُ في حَجَّتك» قلت لعطاء: أراد الإنقاء حين
أمره أن يغسل ثلاث مرات؟ قال: «نعم».[10]
2-
ويحرم قتل الصيد
وذلك بالإجماع: لقوله تعالى(ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن
قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم).[11]
فأئدة:
على
الصحيح من المذهب يجوز للمحرم أن يأكل من صيد
الحلال إذا لم يصده لأجله, وبه قال الشيخ تقي الدين, ورجح هذا القول ابن القيم في
تهذيب السنن, واختاره, وهو قول مالك والشافعي وأكثر العلماء وأدلة ذلك شهيرة
معروفة.[12]
باستثناء
صيد البحر, لقوله تعالى(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا
لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ۖ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ۗ).[13]
تنبيه!
إذا قتل المحرم صيداً أو الحلال صيداً في الحرم فهو ميتة لا يجوز
أكله, وهو قول الجمهور.
3-
ويحرم عقد النكاح ولا يصح وهو قول عمر
وعلي وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت ومالك والشافعي وهو اختيار ابن القيم, وعند
أبي حنيفة يجوز, لحديث عثمان " لا ينكِحُ المحرِمُ ولا يُنكِحُ ولا
يخطُبُ ولا يُخطَبُ عليه"[14]
وتصح الرجعة: وبه قال الثلاثة لعموم قوله
تعالى(فامسكوهن بمعروف)[15]
ولأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن ذلك فالأصل الإباحة والجواز.
مايفسد الحج والعمرة:
أولاً: يفسد
بالوطء في الفرج ولو بغير إنزال, ولكن
لايفسد الحج أو العمرة إلا بتوفر عدة شروط:
1-
التمييز.
2-
القصد.
3-
العلم بالتحريم.
4-
الاختيار.
5-
أن يكون الوطء قبل الفراغ من العمرة, أو قبل التحلل الأول من الحج .
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنه سئل
عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يُفيض، فأمره أن ينحر بَدَنة[16]
وعن عِكْرَمةَ مولى ابنِ عبَّاسٍ: ((أنَّ
رَجُلًا وامرأتَه من قريشٍ لَقِيَا ابنَ عبَّاسٍ بطريقِ المدينةِ, فقال: أصبْتُ
أهلي, فقال ابنُ عبَّاسٍ: أمَّا حَجُّكُما هذا فقد بَطَلَ، فحُجَّا عامًا قابِلًا،
ثم أهِلَّا مِنْ حيث أهْلَلْتُما، وحيث وَقَعْتَ عليها ففارِقْها، فلا تراك ولا
تراها حتى تَرْمِيا الجَمْرَة، وأهْدِ ناقةً، ولتُهْدِ ناقةً. [17]
مايترتب على من وطئ زوجته قبل
التحلل الأول:
إذا جامع قبل التحلل الأول يفسد حجه، وعليه
أن يتمه وعليه أن يقضيه بعد ذلك ولو كان حج تطوع كما أفتى بذلك أصحاب النبي ﷺ، وعليه بدنة يذبحها ويقسمها على
الفقراء بمكة المكرمة.[18]
أما إن كان الوطء بعد التحلل
الأول قبل أن يطوف للإفاضة:
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
" الوطء بعد التحلل لا يفسد الحج ، سواء
كان مفردًا أو قارنًا ، وإنما يفسد الإحرام فقط ، بمعنى أنه لا يصح منه
طواف الإفاضة حتى يخرج إلى الحل فيحرم ثم يدخل إلى مكة فيطوف طواف الإفاضة في
إحرام صحيح ليجمع بين الحل والحرم .
وعليه فدية شاة تذبح في الحرم وتطعم
المساكين ولا يأكل منها شيئًا ، وعلى الزوجة فدية شاة أخرى إن كانت
مطاوعة ، فإن كانت مكرهة فلا شيء عليها " [19]
ثانياً: ويبطل الحج العمرة بالردة عن الإسلام - والعياذ بالله - ,ولا يجوز المضي فيهما لأنه
يخرج منهما بالبطلان بخلاف المفسد الأول.
معنى المضي فيه: يعني يتم الحج والعمرة لقوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ
وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)[20]
تنبيه!
فرق بين فساد الحج والعمرة وبطلانهما, ففساد
الحج والعمرة لا يبطلهما فعليه إتمامهما حتى وإن فسدا بعكس بطلانهما فإنه لا يتمهما
ويخرج منهما بطلانهما.
فائدة:
الهدي الواجب في الجماع شاة عند مالك وأبي
حنيفة, وعندنا وعند الشافعية بدنة.
دليلنا: ن أبي الزبير عن عطاء عن ابن عباس أنه
سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنه"[21]
وتحرم المباشرة لقوله تعالى: (فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ
وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ)[22]
والمباشرة هي مقدمات الجماع, فأذا باشر بشهوة لزمته
الفدية، وهي: شاة، أو بدل الشاة من الإطعام أو الصيام.[23]
ومما يحرم: لبس البرقع والقفازين للمرأة. لحديث" لا تنتقب المرأة ولا تلبس
القفازين" وفي رواية عن ابن عمر "لا تنتقب المحرمة"[24].
ومما يحرم: تغطية المرأة وجهها, لحديث عائشة رضي الله عنها " كَانَ
الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا
جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا ، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ
"[25].
وقال الإمام ابن رشد الحفيد المتوفى سنة ٥٩٥ هـ: "وأجمعوا على أن إحرام المرأة في وجهها"[26]انتهى.
وهذا في حال عدم وجود رجال أجانب حولها, فإن وجد رجال حولها فإنها تغطي بغير
النقاب والبرقع, قال الشيخ:"ويجوز للمرأة المحرمة أن تغطي وجهها بملاصق خلا النقاب والبرقع, ولا
نكلف المرأة أن تجافي سترتها عن الموجه لا بعود ولا بغيره."[27]
كتبها: يحيى الشيخي
[1] البخاري (316) ومسلم (1211).
[2] "نيل
الأوطار" (5/94)
[3] متفق عليه.
[4] صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 3949, ومسلم في صحيحه رقم (1298)
باختلاف يسير.
[5] إسناده صحيح: انظر «حجة النبي صلى الله عليه وسلم» للألباني (ص: ٣٠).
[6] صحيح البخاري (3319)، ومسلم (2241)
[7] عمدة القاري شرح صحيح البخاري - المجلد 9 - الصفحة 166.
[8] اللجنة الدائمة
للبحوث العلمية والإفتاء . الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ
عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود .
[9] متفق عليه.
[10] متفق عليه.
[11] سورة المائدة آية 95.
[12] السلسبيل في معرفة الدليل/ صالح البليهي
صفحة337.
[13] سورة المائدة آية 96.
[14] أخرجه مسلم (1409) مختصراً
[15] سورة البقرة آية231.
[16] الموطأ الموطأ (١/ ٣٨٤) ٢٠ - كتاب الحج، ٥٠ - باب من أصاب أهله
قبل أن يفيض، وهو حسن لغيره.
[17] رواه البيهقي (5/168) (10067). وصحَّحه الذهبي في ((المهذب))
(4/1922).
[18] [18] نشر في كتاب (فتاوى إسلامية) جمع الشيخ محمد المسند، ج2 ص 232.
(مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 17/ 129).
[19] "فتاوى
ورسائل محمد بن إبراهيم" (5 /203-204) .
[20] سورة البقرة 196
[21] الموطأ صفحة 209.
[22] سورة البقرة 196
[23] شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة حطيبة /صفحة 5.
[24] صحيح البخاري 1838, وصحيح مسلم 1177.
[25] رواه أبو داود (1833) وقال الألباني في
"جلباب المرأة المسلمة" (ص107) " حسن في الشواهد.
[26] بداية المجتهد، ١/ ٣٣٦.
[27] السلسبيل في معرفة الدليل 342
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق