لا تدقق

 

أتت امرأة إلى حاتم الأصم فأرادت أن تسأل حاتم عن مسألة فخرج منها صوت فقال لها حاتم مباشرة "ارفعي صوتك فأنا لا أسمع" فأوهمها أنه أصم فسرّت المرأة وحفظ لها ماء وجهها, فلهذا سمي حاتم الأصم .
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه كان يقول العقل ثلثه في الفطنة وثلثاه في التغافل والصد.
لا تدقق ومرر بعض التصرفات والأفعال ولا تعجل بالنصح والنقد, فقد ترى عيناك عيوباً ومنكرات وقد تلاحظ أخطاءً وأخطاءً من الآخرين, وربما تتكرر أمامك مراراً, من فضلك تمهّل (please slow down), ليس كل ما تنكره وتنتقده يحتاج إلى توجيه وإنكار, قد يكون الأمر غير مقصود تمهّل قليلاً, وأجّل النصح والتوجيه إلى وقت آخر, وقلل من انتقاداتك وملاحظاتك, ليس معنى هذا أن تتعايش مع المنكرات والأخطاء, ولكن التدقيق الزائد في تصرفات وأفعال الآخرين من أسباب زيادة الحواجز بينك وبينهم, كلنا نخطئ ولنا سقطات وزلّات, ولا يسلم أحدٌ من النقص والعيوب في أقواله وأفعاله واختياراته (لا تدقق) لاتكن للزلات والسقطات بالمرصاد, وكأنّها باب رزق تفرح به.
عود نفسك أن تغض الطرف عن هفوات الناس وزلاتهم, وتغافل عن ردود أفعالهم, فقد يثورون ويقولون مالا يعلمون, في الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
" إني لأسمع الكلمة تؤذيني, فأطأطئ لها رأسي حتى تتخطاني لتدوم المحبة" أو كما قال رضي الله عنه
لا تدقق في كلام الناس وأشكالهم وألوانهم, لا تدقق في تصرفاتهم وأفعالهم وعاداتهم ولا في ملابسهم, لا تدقق في إصلاح شؤونهم, سواء في بناء منازلهم أو ألوانها وأثاثها, دع الناس يعيشون حياتهم كما يشاؤون, فكل له ظروفه الخاصة فإن رأيت ما يغضب الله فليكن بالحكمة والموعظة الحسنة في الوقت المناسب والمكان المناسب من غير تطويل أو إكثار.
لَيسَ الغَبِيُّ بِسَيِّدٍ في قَومِهِ : لَكِنَّ سَيِّدَ قَومِهِ المُتَغابي.

كتبها/ يحيى الشيخي