يقال ان رجلاُ من بلاد فارس يتقن التكلم باللغة
العربية الفصحى بطلاقة، حتى إن العرب إذا كلمهم يسألونه من أي قبائل العرب أنت،
فيضحك ويقول: أنا من بلاد فارس، وأجيد العربية أكثر من العرب.
وذات يوم وكعادته وجد مجلس قوم من العرب، فجلس
عندهم وتكلم معهم، وسألوه: من أي قبائل العرب أنت؟ فأجاب إجابته المعهودة: أنا من
بلاد فارس، وأجيد العربية أكثر من العرب.
فقام أحد الجالسين وقال له: اذهب إلى فلان رجل
من الأعراب وكلمه، فإن لم يعرف أنك من العجم، فقد نجحت وغلبتنا كما زعمت.
فذهب الفارسي إلى بيت الأعرابي وطرق الباب، فاذا
ابنة الأعرابي وراء الباب تقول: من بالباب؟ فرد الفارسي: أنا رجل من العرب، وأريد
ان أرى أباك.
فقالت: أبي فاء([1] ) إلى الفيافي ليفيء لنا بفيء، فاذا فاء الفيء
فاء.(وهي تعني أن أباها ذهب الى الصحراء ليعود لهم بصيد، فاذا حل الظلام أتى).
فقال لها: الى أين ذهب؟!
فردت عليه مرة أخرى أبي فاء الى الفيافي ليفيء
لنا بفيء، فاذا فاء الفيء فاء.
فأخذ الفارسي يراجع الطفلة ويسأل، وهي تجيب من
وراء الباب، حتى سألتها أمها: يا ابنتي.. من بالباب؟!
فردت الطفلة: أعجمي على الباب يا أمي!انتهى.
غرق الأعجمي في بُحيرة طفلة, فكيف لو غاص في بحر
أبيها, ما أجمل اللغة العربية, وما أمتع من يتحدث بها, إنها لغة القرآن الذي أعجز العرب والعجم, وهي بحر البحور, يقول
عمر رضي الله عنه" تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ " وقال يونس بن عبد
الأعلى : سمعت الشافعيّ يقول : " تعلّموا العربيّة ، فإنّها تثبّت العقل ،
وتزيد في المروءة " انتهى.
أهل اللغة العربية أكثر الناس إبداعاً, وأعذبهم
كلاماً, فما أروعها من لغة.
ها هي اللغة تحنّ إلى زمانها وتتمنى العودة
وتعاتب قومها
أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ : إِلى
لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ
فهل من عودة صادقة إلى لغة القرآن, وإلى الفصحى,
اللهم ردنا إليها رداً جميلاً.
كتبها/ يحيى الشيخي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق