جزاء الصيد
نهى الله تعالى عن قتل الصيد في الحرم سواء على
المحرم في قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ
حُرُمٌ )[1] وكذلك يشمل النهي حتى غير المحرم لا يجوز له
قتل الصيد في الحرم, كما في حديث ابن عباس " إن هذا البلد "فَهو حَرَامٌ
بحُرْمَةِ اللهِ إلى يَومِ القِيَامَةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ
صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ إلَّا مَن عَرَّفَهَا...الحديث بطوله".[2]فما
هو المقصود بالصيد هنا؟
المراد
بالصيد المحرم قتله:, هو ماتوفرت فيه ثلاثة أمور:
1-
أن يكون الصيد مباحاً أكله.
قال الإمام أحمد - رحمه الله: (إنما جُعلت
الكفارة في الصيد المُحلَّل أكله)[3].
2-
أن يكون الصيد وحشيًّا.
قال
ابن حجر - رحمه الله -: (واتفقوا: على أن المراد بالصيد ما يجوز أكله للحلال، من
الحيوان الوحشي، وألاَّ شيء فيما يجوز قتله).[4]
3-
أن يكون الصيد بريًّا ليس بمائي.
قال
الله تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا
لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا
﴾[5] .
فمن
قتل صيداً متعمداً فجزاؤه مثل ماقتل من النعم ومن ذلك
َحِمارِ الوَحْشِ،
وَبَقرتِهِ، والأيِّلِ، والثَّيْتَلِ والوَعْلِ بَقَرةٌ، والضَّبْعِ كَبْشٌ،
وَالغَزَالِ عَنْزٌ، والوَبْرِ والضَّبِّ جَدْيٌ، وَاليَرْبُوعِ جَفْرَةٌ. (والأيل) نوع من الظباء، وفي (الثيتل)، وهو
نوع من الظباء. نقل ابن قدامة في «المغني»[6] ،
وشيخ الإسلام في «شرح العمدة»:[7]
إجماع الصحابة: «عمر، وعثمان، وعلي، وزيد بن ثابت، وابن عمر، وابن عباس، وابن
الزبير: أنهم حكموا في النعامة ببدنة، وفي حمار الوحش ببقرة، وفي الأيل ببقرة،
وبقر الوحش ببقرة، وفي الضبع بكبش، وفي الغزال بعنز، وفي اليربوع بجفرة، وفي
الأرنب بعناق» .[8]
وعن ابن عباس رضي الله عنهما «أنه جعل في حمامة
الحرم على المحرم والحلال في كل حمامة شاة» .[9]
تنبيه!
على
الصحيح من المذهب الذي لا مثل له من الطيور فيه قيمته, لحديث ابن عباس رضي الله
عنهما أنه قال:"كل طير دون الحمام ففيه قيمته".[10]
ومما يحرم على المحرم فعله في الحرم:
قطع شجرالحرم وحشيشه إلا الإذخر.
حديث عبد الله بن عباس " حَرَّمَ اللَّهُ
مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، ولَا لأحَدٍ بَعْدِي، أُحِلَّتْ لي
سَاعَةً مِن نَهَارٍ، لا يُخْتَلَى خَلَاهَا ولَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، ولَا
يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، ولَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُعَرِّفٍ فَقالَ
العَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: إلَّا الإذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وقُبُورِنَا؟
فَقالَ: إلَّا الإذْخِرَ...الحديث"[11]
نقل ابن المنذر اجماع العلماء على ذلك[12] .
بيان مايجوز قطعه ومالا يجوز من شجر الحرم:
أولاً: مايجوز قطعه:
1- ما ينبته الناس في الحرم من الزروع والبقول.
2- اليابس من شجر الحرم وحشيشه.
3- أخذ ما فيه منفعة من شجر الحرم للغذاء
والتداوي.
ثانياً:
مالا يجوز قطعه من شجر الحرم:
تحريم قطع الرَّطْب من الكلأ والعشب. لحديث:
(لا يُخْتَلَى خَلاَهَا).[13]
تحريم قطع الشوك. لحديث: (لا يُعْضَدُ
شَوْكُهُ). [14]
تحريم أخذ الكلأ لِعَلْف البهائم. وذلك لإنكار
النبي صلى الله عليه وسلم على ابن عمر - رضي الله عنهما - عندما اختلى لفرسه في
الحرم، ولم يُقره عليه.[15]
جزاء من قطع شجر الحرم أو حشيشه:
الصحيح أنه لا جزاء عليه، بل يستغفر الله؛ وذلك
لعدم ورود الدليل الصحيح من الكتاب والسنة أو الإجماع في إيجاب الجزاء.[16]
كتبها: يحيى الشيخي
.......................................................
[1] المائدة 95
[2] البخاري (1834)، ومسلم (1353) واللفظ له.
[3] المغني، (3/ 266).
[4] فتح الباري، (4/ 21).
[5] المائدة 96
[6] المغني (5/
204، 404)
[7] شرح العمدة شيخ الإسلام (2/ 283)
[8] الشرح الممتع/ج7/صفحة 211.
[9] أخرجه البيهقي (5/ 205)؛ وفي «إرواء الغليل» (4/ 247): «إسناده
صحيح» .
[10] أخرجه ابن أبي شيبة (15956) من طريق الحارث عن عكرمة من قوله.
[11] صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1349
[12] الإجماع، لابن المنذر (ص57).
[14] البخاري (1834)، ومسلم (1353) واللفظ له.
[15] رواه ابن سعد في (الطبقات الكبرى)، (4/ 172)؛ وأحمد في (المسند)،
(2/ 12)، (ح4600)؛ وفي (فضائل الصحابة)، (2/ 894).
[16] انظر: المحلى (7/261)، المغني (3/352).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق