ذهب الفقهاء
في حكم النية في الوضوء إلى قولين:
القول الأول: قيل: النية سنة في طهارة الوضوء والغسل، شرط في
طهارة التيمم وهو مذهب الحنفية[1].
القول
الثاني: شرط لطهارة الحدث
مطلقاً: الأصغر والأكبر، بالماء أو التيمم، وهو مذهب المالكية ، والشافعية ،
والحنابلة ، وهو الراجح[2].
دليل
القول الأول:
الإمام أبو
حنيفة -رحمة الله عليه- وأصحابه فدليلهم العقل: قالوا: إن الوضوء أو الغسل كل
منهما عبادة معقولة المعنى، وهو وسيلة وليس بغاية، والوسائل لا تشترط لها النية،
ولذلك قالوا: يصح الوضوء بدون نية.
أما
دليل القول الثاني: الجمهور
أولاً: الكتاب: فقوله تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ
مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ}[3] ،
وجه الدلالة: أن الوضوء عبادة وديانة، فلا يصح إلا بإخلاصه ونيته.
وكذلك قوله
سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[4]،
قالوا: الوضوء عبادة، والدليل على كونه عبادة: أنه غسل لأعضاء على صفة مخصوصة،
ولذلك أمر بغسل بعض الأعضاء ومسح بعضها، ولو كان عبادة معقولة المعنى لما تأتى فيه
ذلك، فقالوا: إنه عبادة لا يُعقل معناها، فلا تصح بدون نية.
وأما دليل
السنة: فحديث عمر في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال
بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، ووجه الدلالة: أن الوضوء عمل، وقد بين النبي صلى
الله عليه وسلم في هذا الحديث أن صحة الأعمال موقوفة على النية، والوضوء عمل، فلا
يصح إلا بنية.
وأما دليلهم
من النظر الصحيح: قالوا: تجب النية في الوضوء كما تجب في التيمم، وتجب النية في
الغُسل كما تجب في التيمم، لجامعِ كونِ كلٍّ منهما طهارة من حدث.
والصحيح:
مذهب الجمهور، أن الوضوء لا يصح إلا بالنية، وكذلك الغسل من الجنابة؛ لما ذكرنا من
دليل النقل والعقل[5].
كتبها : يحيى
بن إبراهيم الشيخي
*********
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق